مجزرة السجن المركزي بتعز.. ناجيتين يرويّن: "موقف صعب جدًا لا يُستوعب
روت امرأتان ناجيتان من القصف الحوثي الذي استهدف السجن المركزي بمحافظة تعز (جنوبي غرب) تفاصيل الحادثة التي أثارت تنديد أممي وحقوقي.
وأمس الأحد قصفت جماعة الحوثي قسم النساء بالسجن المركزي بعدة قذائف ما أسفر عن مقتل (5) نساء و(2) من اطفالهن بصورة مباشرة - كان الاطفال في زيارة امهاتهم المحتجزات- وجرح أكثر من (10) نساء أخريات، نُقلت أغلبها الى مستشفيات مدينة تعز، بإصابات بليغة في الرأس والأطراف.
وقالت "قمر علي طاهر" (21 عاما) إنه عند الساعة الخامسة بعد عصر يوم الاحد، سقطت قذيفة على عنبر النساء في السجن المركزي في تعز، وأدت الى مقتل 6 نساء وجرح 8 أخريات، وبعد حوالى ربع ساعه من سقوط القذيفة الأولى سقطت قذيفه ثانية أمام بوابة العنبر أثناء ما كانوا ينقلونا من السجن إلى المستوصف، وبعد مرور حوالي عشر دقائق سقطت القذيفة الثالثة في أحد أسوار العنبر.
وروت "قمر" وهي إحدى نزيلات السجن، قتلت والدتها إلى جوارها، لمنظمة "سام" للحقوق والحريات تفاصيل القصف الحوثي على السجن المركزي، وتوقعت أن يكون الاستهداف المباشر لعنبر النساء عن قصد وتعمد كونه يضم "زينبيات" (شبكة نسائية استخباراتية تابعة للحوثيين).
ونقلت منظمة "سام" في بيان اليوم الاثنين، عن نزيلة أخرى في السجن وتدعى أحلام سعيد علي فاضل، قولها "في تمام الساعة الخامسة كنت أنا وأغلب نزيلات السجن المركزي في عنبر النساء، جالسات في ساحة العنبر، لأن الجو داخل العنبر حار، وفي حدود الساعة الخامسة سقطت قذيفة، وكنت جوار إحدى السجينات اسمها نجيب، وماتت مباشرة لأن اصاباتها كانت مؤثر وتهشمت ملامحها تماما".
وأضافت: "كنت مصدومة وأنا اشاهد الضحايا، لم أستوعب ما أراه، كنت أصيح وذهبت باتجاه الباب الرئيسي للعنبر، وأنا أشاهد الدماء والأشلاء متطايرة للأطفال والنساء السجينات".
ومضت قائلة: "كانت ابنتي عمرها 3 سنوات مصابة باليد، وحالتي صعبة لا أدري ماذا أعمل، كان موقفي صعب جدا لم استوعبه إلى الآن، وبعد حوالى 4 دقائق أتى المسعفون، وقاموا بإسعاف الجرحى والوفيات، ومازال هناك قصف وقذائف من قبل الحوثيين" معتقدةً أن القذائف جاءت من منطقه الخمسين التي يسيطر عليها الحوثيين.
ولا قت حادثة السجن المركزي إدانات وتنديدات واسعة وسط مطالبات حقوقية بفتح تحقيق دولي عاجل.
وقالت منظمة "سام" إن الجريمة توافقت مع اليوم العالمي للضمير الذي يحتفل به العالم بهدف تحفيز المجتمع الدولي على حل النزاعات بطريقة سلمية.
وأضافت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً لها، في بيانها: "في حين يتداعى العالم للإفراج عن السجناء بصورة استثنائية خشية اصابتهم بفيروس كورونا (كوفيد19) القاتل، قامت مليشيا الحوثي بحرمان المعتقلات من حقهن في الحياة، بهذا القصف العشوائي الذي خلّف جريمة بشعة هزت الضمير الإنساني، في اليوم العالمي للضمير".
وأشارت إلى أن "هذه المجزرةُ البشعة اُرتكبتْ في حين كانت الضحايا ينتظرن إفراجاً وشيكاً عنهن من قبل السلطات القضائية والمحلية بالمحافظة في إطار المساعي المبذولة لمواجهة وباء "كورونا" إثر زيارة قامت بها صباح اليوم نفسه لجنة قضائية إلى السجن المركزي بتعز، تمهيداً للإفراج عن السجينات صباح اليوم التالي".
وبحسب الشهادات التي استمعت إليها "سام" فإن جميع القذائف التي أُطلقت على السجن المركزي مصدرها الجهة الشمالية الغربية لمدينة تعز، حيث يتمركز مقاتلون تابعون لمليشيا الحوثي المسيطرة على تلك المنطقة.
وأوضحت منظمة "سام"، أن السجن المستهدف، منشأة عامة لا يمكن جهل موقعها، ما يُرجح أن الاستهداف كان على علم وبِنِيَّةٍ مسبقة من مليشيا الحوثي، ويهدف إلى تحقيق الضرر بالمدنيين والمنشآت المدنية، الأمر الذي قد يجعلها ترقى الى جريمة حرب، خاصة وأن مليشيا الحوثي كانت قد استهدفت السجن من قبل، ما يُفترض أن لديها إحداثيات دقيقة عن موقع السجن من المواقع الاخرى.
قالت منظمة "سام" إنها تحققت من مكان الحادث، وتبين لها أن السجن المركزي الذي قُصف يقع على بعد نصف كيلو متر تقريباً عن مقر إداري مؤقت لأحد الألوية العسكرية الحكومية، حيث لا توجد فيه قوات قتالية وليس مصدرا لإطلاق نار مباشر كما أن القذائف التي أُطلقت تتسم بالعشوائية وعدم التمييز، وتشكل خرقاً واضحاً لقوانين الحرب.
وأكدت "سام" أن - قوانين الحرب- التي تحكم الأعمال العدائية، تحظر الهجمات العشوائية على أهداف عسكرية قد يترتب عليها ضررا أكيدا بالمدنيين، أو أهداف مدنية دون تمييز، كما وتمنع الأطراف المقاتلة من استخدام اسلحة تنقصها الدقة يترتب على استخدامها خطر كبير على المدنيين والاعيان المدنية كقذائف الهاون والمدافع البعيدة.
وطالبت "سام" في بيانها أطراف الصراع بتنفيذ التزاماتها الواردة في اتفاقية "ستوكهولم" بشأن إطلاق الاسرى والمعتقلين، والاستجابة للدعوة الأممية ونشطاء حقوق الانسان بشأن وباء "كورونا "ودعت المجتمع الدولي ومجلس الأمن ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، بضرورة إلزام الاطراف بالإسراع في تنفيذ التزاماتهم، وما يوجبه القانون الدولي الإنساني من التزامات.