عبد الملك الحوثي.. "زعيم خفي" تلاحقه "قائمة إرهاب" ترامب
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في وقت متأخر، الأحد، اعتزامها تصنيف جماعة "الحوثي" في اليمن "منظمة إرهابية أجنبية".
ويشمل القرار المرتقب وضع زعيم الحوثيين، عبد الملك بدر الدين الحوثي (42 عاما)، وقياديين آخرين في الجماعة هما عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحاكم، على قوائم الإرهاب، بوصفهم أعضاء في "جماعة مسلحة خاصة".
فمن هو عبد الملك بدر الدين الحوثي؟، وما هي الأسباب التي تدفع واشنطن إلى إدراجه في قائمة الإرهاب؟.
** الميلاد والنشأة
ولد عبد الملك في مديرية ضحيان بمحافظة صعدة شمالي اليمن، عام 1979، وهو نجل بدر الدين الحوثي، أحد كبار المرجعيات الدينية للمذهب الزيدي في اليمن.
وحسب مصادر سياسية وصحفية، لم يتلق عبد الملك التعليم النظامي، ولم يحصل على أي شهادات علمية.
واكتفى بتلقي العلوم الشرعية ودروس الفقه على يد والده، الذي كان يصطحبه معه في تنقلاته بأرياف ومناطق صعدة، لتدريس المذهب الزيدي المعروف بأنه أقرب المذاهب الشيعية إلى المذهب السُني.
في منتصف تسعينيات القرن الماضي، غادر عبد الملك صعدة نحو صنعاء، ليعمل حارسا شخصيا مع أخيه حسين، مؤسس جماعة "الشباب المؤمن" (عُرفت لاحقا بحركة "أنصار الله")، الذي كان حينها عضوا في البرلمان عن "حزب الحق".
وفي 2004، تولى عبد الملك دفة قيادة حركة "أنصار الله"، بدعم من والده، عقب مقتل شقيقه حسين على يد القوات الحكومية، التي اتهمته بتأسيس تنظيم مسلح للتمرد على الدولة، والارتداد عن النظام الجمهوري، وإعادة الإمامة.
وفي معقلها بصعدة، خاضت الحركة، بقيادة عبد الملك، 5 حروب ضد القوات الحكومية بين 2005 و2010.
وخلال تلك الفترة، ظل عبد الملك يقود الحركة وهو بعيد عن الإعلام والمناسبات العامة، ولم يكن وجهه معروفا، خشية تعرضه للاستهداف والملاحقة من الحكومة.
** انتفاضة 2011
في فبراير/شباط 2011، اندلعت انتفاضة شعبية ضد حكم الرئيس حينها، علي عبد الله صالح (1978: 2012)، وهو ما فتح آفاقا واسعة أمام الحوثيين لتعزيز حضورهم السياسي.
فبتوجيه من زعيمهم، انخرط الحوثيون في الاحتجاجات، ونصبوا لهم خياما في ميادين بمحافظات رئيسية، أبرزها صنعاء.
ورفع عبد الملك ومناصريه شعار "قضية صعدة"، في إشارة إلى تداعيات الحروب التي شنتها قوات "صالح"، وأسفرت عن مقتل وجرح الآلاف، بجانب دمار واسع للأراضي والمزارع والبنية التحتية، مطالبين بحلول.
وفي مارس/ آذار 2012، أسس عبد الملك قناة "المسيرة" الفضائية، التي أصبحت نافذة الحوثيين إلى العالم، واستخدمتها الحركة لإيصال أفكارها وعقيدتها ومواقفها من ملفات وقضايا محلية وخارجية.
ومن مناسبة إلى أخرى، بدأ عبد الملك يُطل على "المسيرة"، ويلقي مواعظ وخطابات تشرح مواقف حركته من الأحداث السياسية محليا ودوليا.
ويحظى عبد الملك بولاء شديد من أتباعه، فهم يتابعون خطاباته بإصغاء شديد، ويحيطون كلماته بالكثير من القداسة والتبجيل.
وعادة ما تفيض تلك الخطابات بمفردات العداء للولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، في محاكاة لخطاب قيادات كل من إيران وجماعة "حزب الله" اللبنانية.
وهذا المحور يضم أيضا نظام بشار الأسد في سوريا، ويتبادل العداء مع واشنطن وتل أبيب وأنظمة عربية حليفة.
ومُعرف عن عبد الملك عدم حضوره المناسبات أو الظهور في تجمعات عامة، وهو لا يجري مقابلات، ويكتفي عادة بلقاءات عبر دائرة تلفزيونية، فيما تُبث خطاباته من مكان مجهول.
وعقب الانتفاضة الشعبية، أكسبت التطورات الحوثيين مكانة سياسية في صنعاء، وشاركوا في جلسات مؤتمر الحوار الوطني، عام 2013، كطرف رئيسي وممثل عن "قضية صعدة".
** اجتياح العاصمة
في 2014، أوعز عبد الملك لأنصاره بالزحف نحو العاصمة صنعاء، مبررا ذلك بالتصدي لقرار الحكومة تحرير أسعار الوقود.
بدا طريق الحوثيين سالكا إلى صنعاء، فالجيش، الذي كان يعاني من الانقسام وتعدد الولاءات، واجه اتهامات من مكونات يمنية بعدم الاضطلاع بمسؤولياته الدستورية في وقف تدفق مسلحي الحركة نحو العاصمة.
وفي 21 سبتمبر/أيلول من العام نفسه اقتحم الحوثيون صنعاء، واستولوا على المؤسسات الحكومية، وفرضوا إقامة جبرية على الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قبل أن يفلت من أيديهم ويفر باتجاه محافظة عدن (جنوب)، وهو يقيم حاليا في الجارة السعودية.
وفي 8 أكتوبر/تشرين من العام نفسه، وصف عبد الملك، في خطاب متلفز، ما حدث بأنه "ثورة شعبية بامتياز".
وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بتلقي دعم من إيران للاستيلاء على اليمن، واتخاذه قاعدة لتهديد أمن المنطقة، وطرق الملاحة العالمية.
ومنذ مارس/ آذار 2015، ينفذ تحالف عربي، بقيادة السعودية، عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة الحوثيين، المسيطرين بقوة السلاح على عدة محافظات.
وغداة اتهام السعودية للحوثيين بإطلاق صاروخ باليستي نحو عاصمتها الرياض، أعلنت المملكة، مطلع نوفمبر/ تشرين 2017، رصد 30 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال عبد الملك.
ويمكن لقرار تصنيف الحوثي "منظمة إرهابية" أن يُعقد جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب المستمرة منذ 6 سنوات.
وسيلقي القرار الأمريكي المرتقب بظلال قاسية على زعيم الحوثيين وحركته، التي تأمل بحل يمنحها مكاسب وفرصة لتصبح لاعبا سياسيا فاعلا في المشهد السياسي اليمني مستقبلا.
وتحذر منظمات إغاثية من أن هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من التدهور في بلد يعاني حربا أودت بحياة ما لا يقل عن 233 ألف شخص، وتسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.
ويعارض مشرعون أمريكيون من الحزب الديمقراطي تلك الخطوة المرتقبة من جانب إدارة دونالد ترامب، ويقولون إنها ستقوض الجهود الرامية للتوصل إلى حل سلمي باليمن، وهو ما يتطلع إليه الرئيس المنتخب، جو بايدن، الذي يتولى مهامه رسميا في 20 يناير/ كانون الثاني الجاري