تصنيف الحوثي "إرهابية" ..تحذيرات يقابلها تطمينات
على مدى أسبوع، توالت التحذيرات والتطمينات بخصوص مدى تأثر الوضع الإنساني بقرار واشطن عزمها تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية".
تحذيرات ليست دفاعا عن الحوثي، بحسب مراقبين، ولكنها نابعة من أن الجماعة تسيطر على مطار صنعاء الدولي، وعلى ميناء الحديدة (غرب) على البحر الأحمر، أحد أهم وأكبر الموانئ في البلاد، وفي المقابل فإن التطمينات استندت إلى وجود منافذ أخرى بديله تحت سيطرة الحكومة أهمها مطار وميناء عدن (جنوب).
وبالإضافة إلى ذلك فإن وجود معظم مكاتب المنظمات الإنسانية في العاصمة صنعاء التي تخضع لسيطرة الحوثيين، تجعلها مجبرة للحصول على تصاريح عمل من الجماعة، وهو ما يزيد من تداعيات التصنيف.
ومساء العاشر من يناير /كانون الثاني الجاري ، أعلنت الخارجية الأمريكية في بيان ، عزمها تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية"، وفرض عقوبات على زعيمها عبدالملك الحوثي، والقياديين فيها، عبدالخالق الحوثي، وعبدالله يحيى الحاكم.
وفي الوقت الذي حذرت منظمات إغاثية وجهات سياسة دولية من عواقب التصنيف على الوضع الإنساني، أرسلت جهات محلية ودولية تطمينات بأنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تأثر اليمنيين.
تحذيرات أممية ودولية
في إحاطته لمجلس الأمن، الخميس، أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن "القلق الشديد من قرار واشنطن عزمها تصنيف الحوثي منظمة إرهابية"، معتبرا أن القرار "سيسهم في حدوث مجاعة باليمن وسيؤدي إلى تثبيط الجهود المبذولة لجمع الأطراف معا".
وفي اليوم نفسه، دعا ديفيد بيزلي المدير التنفيدي لبرنامج الأغذية العالمي، الولايات المتحدة إلى التراجع عن قرارها.
وقال في إحاطته لمجلس الأمن "نحن نعاني الآن بدون إدراج الحوثيين (جماعة إرهابية)، وبإدراجها ستكون كارثة.. سيكون حكم إعدام حرفيا على مئات الآلاف إن لم يكن ملايين الأبرياء في اليمن".
كما أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان، عن قلقها من حدوث انعكاسات سلبية للقرار الأمريكي على اليمن التي تعيش أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.
وأعربت منظمات إغاثية وحقوقية أخرى عن قلقها من تأثيرات محتملة على الوضع الإنساني باليمن.
وبين هذه المنظمات "أوكسفام" والمجلس النرويجي للاجئين ومجموعة الأزمات الدولية و"هيومن رايتس ووتش".
بدوره، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه بشكل خاص إزاء تأثير القرار الأمريكي على الوضع الإنساني في اليمن الذي يواجه في الوقت الراهن الخطر الوشيك المتمثل في مجاعة واسعة النطاق، وفق بيان.
تطمينات يمنية ودولية
ووسط هذه التحذيرات، أعلنت الحكومة اليمنية، الثلاثاء، التزامها بمنع تأثر العمل الإنساني في البلاد، جراء التصنيف الأمريكي المحتمل للحوثيين.
وقال وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك في تصريحات خلال لقائه "افتراضيا" بسفراء الاتحاد الأوروبي إن "الحكومة ستعمل على عدم تأثر العمل الإنساني في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة مليشيا الحوثي بذلك التصنيف".
وأردف: ستعمل الحكومة مع الجانب الأمريكي على منح الإعفاءات (والتصاريح) اللازمة للمنظمات الإنسانية للقيام بمهامها الإنسانية".
وإثر التحذيرات ذاتها، أعلنت الحكومة اليمنية، الخميس، أنها أصدرت قرارا بتشكيل لجنة لتطوير آليات التعامل مع الأزمة الإنسانية وتسهيل عمل الإغاثة والمنظمات الدولية.
وينص القرار "على أن تشرع اللجنة بالتواصل السريع والمباشر مع الهيئات الإغاثية، والمنظمات الدولية، لتقديم كافة التسهيلات المطلوبة للقيام بمهامها في الفترة القادمة".
كما ستعمل اللجنة، بحسب القرار، "على تسهيل أعمال كافة المؤسسات التجارية والمصرفية، وتيسير تدفق المساعدات والسلع والتحويلات، لكافة أبناء الشعب اليمني، في جميع المحافظات".
بدورها، أفادت الخارجية الأمريكية في بيانها الخاص باعتزامها تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية ، أنها ستتخذ تدابير للحد من تأثير القرار على بعض الأنشطة الإنسانية والواردات إلى اليمن.
وأضافت: "لقد أعربنا عن استعدادنا للعمل مع المسؤولين المعنيين في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وغير الحكومية والجهات المانحة الدولية الأخرى لمعالجة هذه الآثار".
وأشار البيان إلى أن "وزارة الخزانة الأمريكية مستعدة لتقديم تراخيص وفقا لسلطاتها والتوجيهات ذات الصلة المتعلقة بالأنشطة الرسمية للحكومة الأمريكية في اليمن، بما في ذلك برامج المساعدات التي لا تزال الأعلى من أي جهة مانحة، والأنشطة الرسمية لبعض المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة".
جدل الشارع اليمني
وبالإضافة للصدى والتداعيات الدولية، أفرز الموقف الأمريكي جدلا كبيرا في الشارع اليمني، بين مؤيد لذلك ومعارض يحذر من تبعات إنسانية محتملة.
ويتهم العديد من اليمنيين الحوثيين بأنهم استحوذوا على النصيب الأكبر من المساعدات الدولية؛ فيما الكثير من المعدمين لم يحصلوا على أي إغاثة، ما يجعل القرار الأمريكي يؤثر بالدرجة الأولى على الجماعة، حتى من ناحية المساعدات.
المحلل السياسي يعقوب العتواني قال للأناضول: "لو قمنا بمقارنة لوجدنا أن خطر جماعة الحوثي على اليمنيين أكبر بكثير من الأخطار المترتبة إنسانيا على القرار الأمريكي الذي قد يساهم في تخليصهم منها".
وأضاف "ينبغي على المتابع المحلي والدولي أن يعرف أن انقلاب أقلية عرقية طائفية (جماعة الحوثي) على إرادة اليمنيين وتجريدهم من حقوقهم المدنية والطبيعية بشكل شبه كامل، هو السبب الرئيسي لما وصلنا إليه الآن من تدهور حاد في الوضع الإنساني".
وتابع "الأبرياء اليمنيون الذين يحلو للبعض تقديم أنفسهم كمدافعين عنهم، هم أولاً ضحايا مباشرين للحركة الحوثية قبل أن يكونوا ضحايا بالتبعية للقرار الأمريكي الذي يستهدف الحوثي".
بدورها، رأت الصحفية المهتمة بالشؤون الإنسانية أمل اليريسي، أن "قرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية غير مناسب في الوقت الراهن، فاليمن يعاني أساسا من أسوأ أزمة إنسانية في العالم جراء الصراع المستمر ، ولا يحتمل مزيدا من القرارات غير الصائبه والتي ستفاقم الأوضاع الإنسانية أكثر مما هي عليه".
وأضافت للأناضول: "لن يتضرر الحوثيون بهذا القرار بقدر ما سيتضرر ملايين المدنيين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة".
وتابعت: "أعداد كبيرة من السكان هم في الأساس نازحون هربوا من مناطق الصراع ويفتقر معظمهم للقمة العيش التي ستبقيهم على قيد الحياة لولا بعض المساعدات".
ومضت قائلة "القرار الأمريكي يعني إغلاق الباب تماما أمام فتح مطار صنعاء الدولي، وتضييق عمل ميناء الحديدة، ما يعني استمرار الحصار، كذلك سيصعب حركة التحويلات المصرفية والحركة التجارية في بلد يعتمد أساسا على الإيرادات الخارجية".
ومنذ نحو 7 سنوات، يشهد اليمن حربا، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
ويزيد من تعقيدات النزاع أن له امتدادات إقليمية، فمنذ مارس/ آذار 2015 ينفذ تحالف عربي بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.