حكومة المناصفة باليمن.. مسيرة 3 أشهر محفوفة بالتعقيدات
3 أشهر مرت على تشكيل حكومة المناصفة في اليمن، وسط "تعقيدات وصعوبات" ما زالت مستمرة أعاقت تنفيذ برنامجها العام الذي لم يحقق أيا من أهدافه الرئيسية.
وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تم تشكيل تلك الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، وحاز المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، على 5 حقائب فيها من أصل 24.
واستهدف تشكيل الحكومة، حل الوضع العسكري في عدن والمناطق الأخرى التي شهدت مواجهات بين القوات الحكومية ومسلحي الانتقالي في عدن ومحافظة أبين (جنوب)، إضافة إلى توحيد الجهود لمواجهة الحوثيين المسيطرين على غالبية محافظات شمالي اليمن.
وبعد أسابيع من تشكيلها، أقرت الحكومة برنامجها، الذي نص على "ضرورة استكمال إنهاء انقلاب الحوثيين"، وتحقيق "الأمن والاستقرار"، وتطبيق "سياسات عاجلة" تحد من التدهور الاقتصادي.
وحينها، قال رئيس الحكومة معين عبدالملك إن "الوضع صعب والمهمة معقدة للغاية فالإمكانيات محدودة والتحديات كبيرة والبلد في سياق حرب".
** ماذا حققت الحكومة؟
وبعد مرور 3 أشهر، يشير الكثير من الشواهد إلى أن الحكومة لم تستطع تحقيق أبرز المتطلبات الرئيسية مثل تحقيق الأمن في المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، وتحسين الواقع الاقتصادي ومنع تدهور العملة المحلية.
والنجاح الملحوظ الذي تحقق، هو توقف المواجهات في محافظة أبين (جنوب) بين القوات الحكومية والمجلس الانتقالي الجنوبي، التي راح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى والأسرى من الجانبين.
** الملف الأمني
وفي الوقت نفسه، واجهت الحكومة اليمنية صعوبات كبيرة في تثبيت الأمن والاستقرار، خصوصا في عدن التي شهدت خلال الفترة الماضية سلسلة انفجارات خلفت قتلى وجرحى، وأعمال فوضى استهدفت حتى القصر الرئاسي الذي تقيم فيه الحكومة.
فبالتزامن مع وصول أعضاء الحكومة إلى عدن في 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي شهدت المدينة انفجارات عنيفة استهدفت مطار العاصمة المؤقتة، ما أسفر عن سقوط نحو 30 قتيلا وإصابة أكثر من 100 آخرين.
كذلك واجهت الحكومة تحديات أمنية كبيرة، أبرزها اقتحام متظاهرين محتجين على تدهور الوضع المعيشي، الثلاثاء، قصر معاشيق الرئاسي، ووصلوا إلى الأجنحة الخاصة بسكن الوزراء، قبل أن يتم انسحابهم، في تطور لافت يبرز حجم التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة.
الشق الأمني من اتفاق الرياض
ورغم أن تشكيل الحكومة مثّل تنفيذا للشق السياسي من اتفاق الرياض الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، على أن يتم بعدها تنفيذ الشق العسكري والأمني من الاتفاق وأهم بنوده توحيد القوات تحت كيان واحد في وزارتي الداخلية والدفاع، وهو ما لم يحرز أي تقدم فعلي.
فلا تزال قوات المجلس الانتقالي تتحكم في زمام الأمور ببعض المحافظات الجنوبية وخاصة في عدن وأبين، ولم تنضم بعد لوزارتي الداخلية والدفاع، وفق الاتفاق.
ويرى مراقبون أن عدم تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، يعد من أبرز الأسباب التي أدت إلى استمرار تدهور الواقع الأمني، نتيجة تضارب السلطات في عدن والمحافظات الأخرى التي يملك الانتقالي الجنوبي فيها نفوذا.
ومساء الأربعاء، قال عبدالملك المخلافي مستشار الرئيسي اليمني عبدربه منصور هادي، على حسابه بـ"تويتر"، إن استقرار عدن مرهون بتنفيذ الاتفاق العسكري والأمني من اتفاق الرياض.
** تحديات الملف المعيشي
ورغم أن اليمنيين كانوا متفائلين بتشكيل الحكومة التي أملوا منها حل الأوضاع المعيشية المتدهورة، خصوصا في مسألة تراجع سعر العملة، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل.
وعقب تشكيل الحكومة مباشرة، شهد الريال اليمني تحسنا ملحوظا حيث ارتفعت قيمته من 850 ريالا للدولار الواحد أثناء التشكيل الحكومي إلى 650 ريالا بعد أيام فقط من وصولها إلى عدن، وذلك تأثرا بعامل الوحدة السياسية بين الحكومة والانتقالي.
ولكن مع مرور الوقت، شهد الريال اليمني تراجعا بشكل تدريجي حتى تخطى سعره اليوم حاجز 900 ريال للدولار الواحد، وفق مصادر مصرفية للأناضول، توقعت استمرار تدهور العملة في حال عدم حصول الحكومة على وديعة مالية بالعملة الصعبة.
وأدى هذا التدهور في قيمة العملة إلى ارتفاع حاد في الأسعار بشكل غير مسبوق، وسط احتجاجات لسكان من عدة محافظات منذ أسابيع.
** أين يتجه مسار الحكومة؟
ومع تلك الصعوبات، يرى مراقبون أن مسار نجاح الحكومة مرهون باتفاقها مع المجلس الانتقالي الجنوبي على ضرورة تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض، وتوحيد القوات تحت كيان واحد في وزارتي الداخلية والدفاع، وهذا السيناريو يبدو صعبا وغير مرجح تحقيقه على المدى القريب.
وما يرجح ذلك، إعلان رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي في 9 يناير/ كانون الثاني الماضي، رفضه سحب قواته من عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى، وذلك في تصريحات تلفزيونية.
وتسببت الحرب المستمرة منذ نحو 7 سنوات في اليمن بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ سقط ما لا يقل عن 233 ألف قتيل، وبات 80% من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، وفق الأمم المتحدة.