الرئيسية - المنوعات - فوزي أبو هاني... تأسيس علم لغة الطيور

فوزي أبو هاني... تأسيس علم لغة الطيور

الساعة 09:12 مساءً (المهرة اونلاين - العربي الجديد)

 

ينقل الفلسطيني، فوزي أبو هاني، أقفاص عصافير الحسون من داخل غرفة "تعليم اللُغة" إلى حديقة منزله في منطقة العامودي، شمالي قطاع غزة، لتغرد العصافير في أحضان الطبيعة، بعد جلسة استماع وتعلم امتدت لساعات. ويتخذ الستيني أبو هاني هواية تعليم لغة طيور الزينة وفي مقدمتها طير الحسون باللهجة الفلسطينية، ومعه مجموعة من الهواة والمربين منذ سنوات طويلة، جمعوا خلالها حصيلة لغوية متكاملة عن لغة طيور الحسون، والتي تم اصطيادها من الطبيعة، والمساحات الزراعية الشرقية. 

وحصل المربون خلال سنوات طويلة من تتبع طير الحسون (والذي يعتبر من أغنى الطيور بلهجة التغريد، ويمتلك حصيلة لغوية واسعة)، على نغمات قاموا بحفظها، بهدف تعليمها لأفراخ الطيور، بعد إتمام اليوم الثامن والعشرين بعد الفقس، إذ يتم البدء بتلقين الطيور اللغة، عبر مراحل مختلفة ومتدرجة. عِشْقُ تلك الهواية الغريبة، بدا واضحًا على ملامح ممارسيها، والذين جمعهم حب طير الحسون، ذي الألوان اللافتة، والصوت العذب، وقد أوصلهم ذلك العشق إلى تفسير نغماته حرفيًا، ووضع منهج صوتي متكامل، يتم نقله وتعليمه للطيور الصغيرة. 

ويقول المُربي أبو هاني لـ "العربي الجديد" إن حكايته مع الطيور بدأت في أواخر السبعينيات، إذ كان يصيد أصنافًا متنوعة من العصافير، إلى أن صادف مجموعة من كبار السن (كانوا قد امتهنوا تعليم لغة الحسون)، وطلبوا منه اصطياد نوع محدد من طير الحسون، قام باصطياده، وبدأ بعدها بالاتجاه إلى تربية وتعليم لغة الحسون. ويوضح أن تعليم لغة الحسون بات منظومة، يمتهنها عدد لا بأس به من المربين في كافة محافظات قطاع غزة، فيما تختلف نسبة استجابة الطيور عن بعضها البعض، ما يساهم بتغير سعر الطير الواحد، والذي يتراوح من 500 دولار، حتى ثلاثة آلاف دولار أميركي، ويقول: "لا نبيع الطيور، إذ نربيها لأنفسنا، ويبقى البيع محصورًا في نواحٍ محدودة للغاية".
 
أما غسان شقورة (50 عامًا)، وهو أحد هواة طائر الحسون، من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ويلقبه أصحاب تلك الهواية بـ "عميد اللُغة"، فقد بدأت رحلته التعليمية منذ الخامسة عشرة من عمره، وقد شجعته على ذلك البيئة المحيطة، والتي احتوت عددًا من طيور الحسون بصوتها الشادي، وقد أنشأ قناة على "يوتيوب" بعنوان "عميد لغة الحسون" لتعريف العالم بلغة الحسون الفلسطيني. ويوضح شقورة لـ "العربي الجديد" أنه ومع دخول التسعينيات، بدأ يحتكّ بكبار مُعلمي لغة الطيور في قطاع غزة، للاستفادة من خبرتهم الواسعة، والتي اكتسبوها منذ السبعينيات والثمانينيات، من منطقة وادي قشاش، وهي بجوار وادي غزة، إذ ضمت أعدادًا كبيرة من الطيور، صاحبة المكونات اللغوية المتكاملة، والتي أوجدت فيما بعد المكون التراثي اللغوي.

وكانت عملية جمع الحصيلة اللغوية والتي تختلف من منطقة لأخرى، تتم عبر تحليل كل التغريدات الخاصة بطيور الحسون وتسجيلها، والتطوير عليها عبر تركيبها على بعضها البعض للخروج بحصيلة غنائية متكاملة، يتم تعليمها للطيور عبر مراحل. أما في ما يتعلق بمراحل تعليم الطيور، فهي تتم عبر خطوات تدريجية، تبدأ بـ"البتبتة" و "الستستة" ومن ثم التكاريم المختلفة، وهي تكاريم مركبة، أو فردية تشبه في علم الموسيقى "الجواب" و"القرار"، ومن ثم يذهب بعض الطيور إلى حروف التشاكيل القصيرة، فيما يبدأ البعض الآخر إلى "الملالاة" وهي أربعة حروف مكونة، منها "العاليسك" أو العسر" و"التحضيرة"، وتتكون من اللبلبة، أو الطنطنة أو السلسلة، وصولًا إلى "جسم الملالاة" والتي تعتبر عامود الحسون، وهي اللغة الأساسية للعامود. 

فيما يوضح المُربي جمعة عوض (43 عامًا) أن صداقته مع طائر الحسون بدأت مبكرة، حين كان يجلس تحت الأشجار التي تضم أعدادًا كبيرة منها، ويقول: "بدأت بتعليم اللغة منذ عشرين عامًا، حيث نحصل على الفرخ، ونبدأ بالتعامل معه كالطفل، عبر تسميعه الكلمات الصغيرة والخفيفة". 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص