بايدن يختلف عن أوباما.. عمالقة التكنولوجيا يستعدون لسنوات صعبة في ظل الديمقراطيين
يرى كثيرون أن الأمور في وادي السيليكون سارت على النحو المأمول مع المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، حيث مولت الطبقة الصناعية العليا حملة جو بايدن، ومن المرجح أن يتولى العديد من المديرين التنفيذيين في شركات التكنولوجيا مناصب مهمة في الإدارة القادمة، مما يؤشر إلى عودة العلاقة مع أجهزة الدولة إلى ما كانت عليه قبل 4 سنوات.
لكن الكاتبين فيفيك وادوا وتارون وادوا يعتقدان أن الأمور لن تعود كما كانت عليه في السابق، حيث تغير المزاج والسياق تماما، وتوشك العلاقة التقليدية المريحة بين الحزب الديمقراطي وشركات التكنولوجيا الكبرى أن تدخل مرحلة معقدة.
ويقول الكاتبان -في تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي" (Foreign Policy) الأميركية- إنه من المحتمل أن تكون دعوى الاحتكار التي رفعتها لجنة التجارة الفدرالية الأميركية والمدعون العامون في نيويورك وعدد من الولايات الأخرى، ضد فيسبوك في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي، منطلقا لحملة واسعة النطاق ضد عمالقة وادي السيليكون، بغض النظر عن الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض.
وستواجه الشركات التكنولوجية الكبرى -حسب ما أوضح الكاتبان- أوقاتا عصيبة خلال السنوات الأربع القادمة لعدة أسباب:
1. أضرار التكنولوجيا
يرى الكاتبان أن أحد أهم الركائز -التي استند إليها وادي السيليكون طوال السنوات الماضية- هي الريادة في ابتكار التكنولوجيات الجديدة. وبسبب تلك الابتكارات، تحمل الجمهور في كثير من الأحيان الخطاب المتعجرف ومحاولات الإفلات من القانون، واستفادت الشركات من هذا الوضع لتحقق أرباحا طائلة.
لكن مع تكرر فشل المنصات الاجتماعية في إيقاف المضايقات، والحد من انتهاك الخصوصية ومن انتشار المحتوى المتطرف، ظهر حجم الضرر الذي يمكن أن تسببه شركات التكنولوجيا، وعدم استعدادها لكبح جماح أطماعها.
2. انعدام الثقة
لم تعد الشركات العملاقة تحظى بمصداقية، فقبل حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، كان السؤال المطروح بشدة: هل سيترشح مارك زوكربيرغ للرئاسة، لكن السؤال الذي يُطرح الآن: كيف استطاع أن يحتفظ بمنصبه كرئيس تنفيذي لشركة فيسبوك طوال السنوات الماضية.
وحسب تقرير فورين بوليسي، فإن الخطاب الحالم الذي روجته فيسبوك طوال عقد كامل عن عالم منفتح ومتصل أصبح الآن بلا قيمة، وصار الجمهور يرى فيسبوك مجرد شركة متعطشة لجمع البيانات وضمان إدمان المستخدمين على منتجاتها والتهرب من المساءلة. وحتى داخل الشركة، تظهر الاستطلاعات أن نصف القوى العاملة فقط تعتقد أن خدماتها لها أثر إيجابي على العالم.
3. اتفاق الحزبين
من بين الأمور القليلة التي يتفق عليها الديمقراطيون والجمهوريون، هذه الأيام، أن صناعة التكنولوجيا أصبحت أقوى من اللازم. وينظر الأميركيون بشكل عام إلى أن شركة مثل أمازون قضت بشكل منهجي على التجارة في الشوارع الرئيسية، وأن إنستغرام استحوذت على اهتمام الشباب بشكل يثير القلق.
ورغم أن خدمات الشركات العملاقة مازالت تحظى برواج كبير لدى المستهلكين، تتصاعد المخاوف من حجم السلطة والنفوذ الذي صار يحظى به عدد قليل من المليارديرات في وادي السيليكون.
وقد أعلنت السيناتور إليزابيث وارين -خلال حملتها الانتخابية لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية- رغبتها في تفكيك شركات التكنولوجيا العملاقة، ويبدو أن مثل هذا التوجه بدأ يأخذ زخما أكبر مع مرور الوقت.
4. ممارسات قمعية
اعتادت شركة غوغل على تبني سياسات مرنة تجاه الموظفين، لكنها تبدو مستعدة الوقت الحالي للتصرف بشكل صارم مع أي شخص تعتقد أنه قد يسبب لها ضررا ما.
وقد أثارت غوغل الجدل خلال الفترة الماضية عندما قامت بطرد الباحثة المشهورة في مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي تيمنيت غيبرو، التي شاركت في تأليف ورقة علمية تحذر من مخاطر استخدام تقنية التحيز في التعرف على الوجه، وهو تقنية للتعلم الآلي تستخدمها غوغل على نطاق واسع، وأدى ذلك إلى طردها من وظيفتها، مما أثار موجة من الاحتجاجات داخل الشركة.
ومع كشف وسائل الإعلام عن مثل هذه الممارسات، ووعي الجمهور بخطورة ما يحدث في وادي السيليكون، يُتوقع أن تتصاعد ردود فعل الموظفين للوقوف في وجه التمييز والتحيز والممارسات القمعية الأخرى.
5. اليسار يضغط
بدأت نسبة كبيرة من القيادات التنفيذية الليبرالية بوادي السيليكون تتجه بقوة إلى اليسار مثلما حدث داخل الحزب الديمقراطي، وتتبنى قضايا مثل حقوق العمال وتفاوت الثروة والهجرة والعدالة. وقد لا يتسامح هذا الجناح اليساري اليوم مع السياسة المتساهلة التي انتهجها الرئيس السابق باراك أوباما مع غوغل وغيرها من الشركات العملاقة التي أصبحت مطالبة باتخاذ مواقف تقدمية فيما يتعلق بالقوى العاملة.
وقد أدى تصاعد التوتر خلال حقبة ترامب إلى مغادرة شخصيات بارزة، مثل المستثمر ورائد الأعمال بيتر ثيل الذي قال إن المنطقة لم تعد ملائمة أيديولوجيا للبقاء.
6. مخاوف الجمهور
لفترة طويلة، كانت المزايا -التي توفرها الهواتف الذكية والبرامج المتطورة والاتصال المستمر بالشبكة- تجعل الجمهور ينظر إلى تكلفة تلك الخدمات على أنها غير مرتفعة.
لكن بعد نحو عقد كامل من الالتصاق بالأجهزة والشاشات، يبدو أن الانبهار بدأ يتضاءل وأن نمط الحياة الرقمي أصبح أقل جاذبية من السابق، وحلّت مكانه -وفق الكاتبين- المخاوف من فقدان الخصوصية والتأثيرات السلبية للاتصال المستمر بالشبكة.
7. المزيد من الدعاوى
الشركات العملاقة، مثل أمازون، أصبحت ترمز إلى كل شيء كانت تقف ضده في السابق، من سوء معاملة الموظفين إلى الاحتكار وتراكم الثروة. ويعلق الكاتبان في تقريرهما بأن هذه المشكلات تفاقمت بوتيرة أسرع كثيرا من المتوقع.
ويختم تقرير فورين بوليسي بأن الشخصيات السياسية الصاعدة على الساحة الأميركية قد تقف على الأرجح في وجه شركات التكنولوجيا الكبرى، وقد تثير ضدها المزيد من الدعاوى القضائية والاستجوابات بالكونغرس.