الطلاب والمعلمون والمرأة.. قطاعات تنظيمية في الإصلاح ساهمت في إنقاذ الجمهورية
يتحدث البعض عن حزب الإصلاح بأنه ينفرد عن بقية الأحزاب اليمنية بتمتعه بالحيوية والنشاط، وهذا ما يتبادر للذهن منذ أول وهلة، لكن البعض الآخر يتساءل عن سر هذه الحالة النشطة على الدوام.
ويرى قيادات الإصلاح أن السر يكمن في أن الحزب يولي اهتماما خاصا بأهم فئات وشرائح المجتمع اليمني الفتي، وهم الطلاب والمرأة والمعلمون، وهي الفئات التي شكلت مصدر قوته.
تؤكد أدبيات الإصلاح على العناية بالإنسان روحا ومادة، ويمتلك رؤية شاملة للحياة، ويعمل على تأسيس أرضية فكرية وأخلاقية وجودية صلبة، منطلقا من إدراك صحيح للواقع، وفي السياسة ينطلق من القوة الأخلاقية وليس أخلاق القوة، القوة المهذبة بضوابط إنسانية فيحرص على زيادة رصيد قوته بالطرق المشروعة.
ويرى الإصلاح في أدبياته وممارساته العملية أن الفرد هو الركيزة الأساسية في المجتمع، فيعمل على تنميته للفرد، وهو ما يتجلى في اهتمامه المبكر بفئات اجتماعية مهمة وحساسة، أبرزها: الطلاب والمرأة والمعلمون.
الطلاب والشباب
ويرى الكاتب محمد دبوان المياحي أن اهتمام الإصلاح بالطلاب والشباب في حين يرى الآخرون ذلك مأخذا من مآخذ السياسة، إلا أنه موقف يدل على ذكاء وتفكير واقعي من الحزب. ويقول: "الإصلاح حزب ذكي يمتلك دماء جديدة تضخ حيوية في الحزب، يركز على النشء والطلاب ويكسبهم ثقافة صلبة".
ويضيف المياحي: "ما من شاب احتك بهذا الحزب من قريب أو بعيد إلا واكتسب ثقافة تنظم حياة الفرد والمجتمع".
يدرك الإصلاح جيدا أهمية الطلاب كرافعة للبناء في المجتمع، ولهذا السبب ركز جهده على إنشاء اتحادات طلابية ونقابات تعمل على توعية الطلاب، وتأهليهم، علميا ومهاريا ليكونوا جزءًا من المشروع الوطني الكبير، من أبرز هذه المؤسسات الاتحاد العام لطلاب اليمن.
ويقول الناشط ماجد غالب إنه كان من "أولويات حزب الإصلاح تعزيز الوعي السياسي لدى الطلاب، من خلال ندوات ومحاضرات في الجامعات والمعاهد، تعزز الوعي بالقضايا الوطنية ليس كمتلقين، بل كمشاركين في صياغة المستقبل".
المرأة نصف الحزب والمجتمع
تحظى المرأة في الإصلاح بعناية خاصة حتى يكاد يبدو الحزب الأكثر اهتماما بها، وللمرأة حضور بارز، ويعد قطاع المرأة من أنشط القطاعات داخل الحزب، تُوكل إليه المهام الخاصة بالمبادرات الإنسانية والإغاثية والجمعيات والمبادرات الخيرية.
وينطلق الإصلاح في عنايته بالمرأة -كما تقول القيادية في الإصلاح بتعز سارة هيثم- من رؤية مقاصدية إسلامية واضحة تجاه المرأة ودورها في المجتمع.
وترى هيثم أن التجربة الديمقراطية في اليمن لا تزال متواضعة تعيق مشاركة المرأة في الحياة السياسية، زد على ذلك الطبيعة اليمنية القبلية، لكنها ترى أن المرأة التي تطمح للمشاركة، بالرغم من تلك المعطيات، قد قطعت شوطا كبيرا في السلم السياسي وذلك بفعل الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها الإصلاح.
وتؤكد عبير الحميدي، رئيسة شعبة الإعلام في دائرة المرأة بالأمانة العامة، حضور المرأة الإصلاحية في كل الأطر التنظيمية والتكوينات والمحافل السياسية، وتتواجد في أعلى الهرم القيادي للحزب.
وتضيف الحميدي أن عضوات إصلاحيات شاركن "في وفود رسمية تمثل الحزب في مؤتمرات ولقاءات خارجية، من بينها أممية، وقبلها شاركت في مؤتمر الحوار الوطني، وفي لجنة صياغة وإعداد الدستور اليمني".
وترى القيادية في دائرة المرأة في إصلاح شبوة، زينب الشريف، أن الحرب أكسبت المرأة الإصلاحية قوة على مدافعة الحياة، والسبب أن الحرب وضعت المرأة في قلب المعركة، فوجدت نفسها تقف في موازاة الرجل تماما، لا تختلف عنه في تقديم التضحيات، مؤكدة أن المرأة الإصلاحية نجحت في استثمار الحرب التي مثلت نقلة في حياتها، أهلتها على المستوى السياسي والإعلامي والاجتماعي، حيث نجدها اليوم تتصدر الفعاليات والأنشطة السياسية والاجتماعية وقضايا الحقوق وسيادة القانون، ونشر الوعي، وتأسيس المنظمات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية.
المعلم
للمعلم تأثير كبير في الفرد وأحد ثلاث قوى تشكل وعي الفرد في المجتمع، الأسرة والمدرسة والمجتمع، وبالتأكيد فإن حزبًا انطلق من وسط المعلمين والقطاع التربوي سيكون قادرا على التأثير في المجتمع وبنائه، ولذلك اهتم الإصلاح بتلك القوى القادرة على رسم ملامح الفرد وتنشئته منذ البداية.
فالإصلاح حزب يشتغل في المساحات التي يشعر أنه قادر على الاشتغال بها، ويعرف أين يصب جهده وطاقته، ولقد شكلت شريحة المعلمين الشريحة الأكبر من قياداته الفاعلة.
رافعة للدفاع عن الجمهورية
عندما انقلبت مليشيا الحوثيين على الدولة عام 2014، تصدرت هذه الفئات (المعلمون، الطلاب، المرأة) المشهد اليمني لتكون رأس حربة في الدفاع عن الجمهورية، وصخرة تحطمت فوقها كل مشاريع الانقلاب، فتحول المعلمون إلى قادة عسكريين والطلاب إلى جنود والمرأة إلى خط تموين وإمداد.
في الحقيقة، لم يكن الإصلاح يهتم بهذه الفئات لأجل إعدادها لمعركة قادمة، كما يقول الكاتب محمد المياحي، لكن ذلك حدث بشكل تلقائي من دون وعي من الحزب بأن هذه الأجيال في يوم من الأيام ستدافع عن الجمهورية.
أخذ الإصلاح منذ تأسيسه العمل على التنظيم الجذري لهذا المجتمع بما يساهم تدريجيا بالوصول إلى الحالة العليا، حالة من الوعي الفردي والاجتماعي تؤهل الفرد للقيام بدوره تجاه وطنه تلقائيا دون الحاجة لكثير تفكير أو سؤال، وهذا ما أثبتته حالة الاصطفاف الشعبي الكبير مع المقاومة الشعبية تحديدًا في المناطق التي نشط فيها الإصلاح بقوة.
المرأة تتصدر الموقف الوطني
وقد كانت المرأة الإصلاحية في صدارة ذلك الموقف الوطني، تؤكد ذلك الناشطة الإنسانية المعروفة حياة الذبحاني بقولها إن المرأة الإصلاحية تربيتها التنظيمية تجعلها تستشعر المسؤولية الوطنية، فعندما حدث الانقلاب الحوثي أبدت دورا منقطع النظير في الدفاع عن الجمهورية.
وتضيف الذبحاني أن "المرأة في التجمع اليمني للإصلاح هي السباقة في ميادين المطالبة بالدولة اليمنية الحديثة منذ اندلاع الثورة اليمنية في 2011"، مشيرة إلى أن الإصلاح قدم العديد من الشهيدات، أبرزهن: عزيزة، ورواية، وياسيمن وزينب، وتفاحة العتنري، وهن جميعا من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح.
الإصلاح يفقد كتلته الحيوية
ويتحدث رئيس نقابة المعلمين بتعز، عبد الرحمن المقطري، عن حوالي 250 معلما وتربويا من الإصلاح قد استشهدوا في طليعتهم كوادر قيادات وكوادر من الحزب، وجرح المئات من المعلمين والمعلمات، وأصيب العشرات منهم إصابات سبب الإعاقة.
وأشار إلى اختطاف وسجن أكثر من 100 معلم، بينهم 60 معلما سجنوا لأكثر من عام، بعضهم أكثر من 5 سنوات، و2 منهم استشهدا تحت التعذيب في سجون الحوثيين.
وبحسب إحصائيات سابقة، قتلت مليشيا الحوثي ما يزيد عن 1500 معلم، معظمهم من أعضاء الإصلاح، من بينهم 80 مدير مدرسة، بسبب موقفهم الرافض للانقلاب والمشروع الحوثي، ودفاعهم عن الدولة والهوية اليمنية، وتمسكهم بالنظام الجمهوري.
وبحسب المقطري، فقد دمرت مليشيا الحوثيين منازل 135 معلما ومعلمة، وذلك بنسفها بعبوات تفجير أو بالقصف المتعمد وخاصة الذين كانوا يخالفون الفكرة الحوثية، كما شردت أكثر من 15 ألف من المعلمين والمعلمات.
في صدارة الدفاع
"مع انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، كان الطلاب هم العمود الفقري لمبادرات الدفاع عن الجمهورية ومؤسسات الدولة"، هكذا يقول القائد العسكري عبد المجيد الزراعي.
ويضيف الزراعي: "في عام 2015، تم تأسيس (لواء الطلاب) في مدينة تعز، وهي وحدة عسكرية تضم طلابًا وأكاديميين من مختلف الجامعات اليمنية. شارك اللواء في معركة تحرير مدينة تعز، وأظهر اللواء كفاءة الشباب وقدرتهم على إدارة المعارك بقوة وحنكة، وهو موقف يكشف عن تلقي تدريب وتثقيف وطني رفيع المستوى".
وأشار الزراعي إلى أن لواء الطلاب فقد 130 شهيدًا من أعضائه، من أبرز هذه الكوادر الشهيد حسين القاضي، الذي انتقل من مقاعد الدراسة إلى الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينته (تعز).
وبحسب مدير القطاع الطلابي للتجمع اليمني للإصلاح صادق الشرعبي، فإن 35 طالبا في تعز استشهدوا وهم يستعدون للتخرج كطبيب أو مهندس أو إداري أو محاسب، كما جرح 60 طالبا، وتعرض 20 طالبا لإعاقة مستدامة، وجميعهم من قطاع طلاب الإصلاح.
وبحسب إحصائيات سابقة، فقد استشهد عدد من القيادات الشبابية والطلابية من بينهم رئيس دائرة الطلاب في إصلاح محافظة الجوف، واعتقلت المليشيا الحوثية عددا من قيادات النشاط التنظيمي الطلابي للإصلاح من بينهم رئيس مكتب الطلاب السابق في الأمانة العامة الدكتور فتحي العزب، ورئيس دائرة الشباب والطلاب في حينها الدكتور عبد الرزاق الأشول.
كما قتلت المليشيا الحوثية 14 قياديا إصلاحيا في سجونها، وأصدرت أحكام إعدام بحق العشرات منهم، ومؤخرا أصدرت حكما استئنافيا يؤيد حكما ابتدائيا بإعدام ثلاثة معلمين من أبناء المحويت وهم من منتسبي الإصلاح.
هل سيفقد الإصلاح طاقته الحيوية فعلا؟
يتخوف الكاتب المياحي من فقدان الحزب لطاقته الحيوية، لأن الطلاب والمعلمين والمرأة هم الطاقة الخام للحزب وكتلته الحيوية، وعلى الحزب أن يحافظ على طاقته، فهذه الفئات بقدر ما تشكل سياجا حاميا للجمهورية هناك مخاوف من أن الحزب يستنزف طاقته.
ويضيف: "مهم الحزب أن يحافظ على كتلته الحيوية الفاعلة.. مهم الحزب يوجه الطاقات في المجالات التي يشتغل عليها.. بمعنى لا يستهلك طاقته في البعد الآني فقط وإنما يخطط على المدى البعيد.. ألا يربي أدوات لخدمة المجتمع ومدافعة الحاضر فقط وإنما مهم أن يخصص جزءا من طاقته لحماية المستقبل".