باعوا انفسهم ولن نسمح ببيع الوطن
السؤال الذي يجب أن يطرح اليوم لكي تتضح الرؤية حول المستقبل , هل نريد أن نتحول لدولة عصرية ؟
ام أننا نكتفي بتغيير المنظومة السياسية فقط , لنبقى في دائرة الصراع على السلطة و واستمرار نهب الثروة , وتبادل التزاوج بين السلطة والتجارة لأطراف أخرى , واستبدال نفوذ الفساد , بنفوذ اخر اكثر فسادا , واستبدال لوبي السلطة والقبيلة , بلوبي سلطة و قبيلة غير , وتغيير شيخ الرئيس , ورئيس الشيخ , بشيوخ القادة , وقادة الشيوخ , ورجال فتوى القتل والتنمر وتعزير والتكفير , باخرين أشد تطرفا وغلو , والتسابق على تقديم الولاء للخارج , والارتهان للوصاية .
بتعدد عناوين النضال اليوم , والمشاريع والشعارات , لا تحول مشهود , غير أدوات القبيلة الأكثر عصبية , من الشمال الى الجنوب , ومن الشرق الى الغرب , والمشهد كما هو بندقية وجندي بليد للأذى فطن , وعقلية عنجهية , وماضي لازال مؤثرا في الحاضر ومعيق للمستقبل , وارتهان وتبعية , لأكثر انبطاحا .
الحديث عن الدولة في ظل أدوات البناء الهشة , هو حديث عبثي , وأكثر عبثية هي الدعوة للتصالح والتسامح في ظل تعدد المشاريع , فلا تصالح وتسامح لقوى عاجزة على أن تحدد هدف اولي ينزع فتيل التناحر , ثم يترك الخلاف لما بعد بناء أسس الدولة الضامنة للحريات والعدالة والمواطنة والديمقراطية , وصندوق انتخاب نزيه , قادر على فرض إرادة عامة للناس على كل إرادة ضيقة والانا والانانية .
اليوم لم تعد لنا إرادة ولا سيادة , ومن يقول غير ذلك فهو النفاق بكل معانيه , قال تعالى (وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَٱصْبِرُوٓاْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ) صدق الله العظيم
ذهبت ريحتنا , ولم نعد غير أدوات تابعة مطيعه مستسلمة للفتنة والاعداء , وللأسف اعتقد الاغبياء ان الاحتماء بالخارج سيقدم له السلطة على طبق من ذهب , مثل هؤلاء لا يملكون مشروع دولة ضامنة للمواطنة والحق , بل مشروعهم هو السلطة والتسلط , مشروعهم قزم , و قزمهم أمام الشعب , و انبطحوا للارتهان والتبعية والفساد , وتم شرائهم بثمن بخس , باعوا أنفسهم للشيطان , واليوم يعقدون صفقات بيع الوطن , جنوبه وشماله , الثوري القادم من ساحات التغيير , والثوري الذي طلع على اكتاف حلم الناس في ساحات الجنوب , والسني الذي ترك المنبر وتحول لبندقية للإيجار , والشيعي الذي تحول لسباب ونمام وقاتل ومنتهك , كلهم تحولوا مرتزقة ينفذون أجندات الخارج , جنود في معركة بين إيران وحزب الله , وحلف أمريكا والسعودية والامارات , كلهم عناوين للتطبيع مع الصهاينة , كلا بطريقته .
المهزلة اليوم ما يحدث من تغييرات وهيكلة , تحت عنوان بناء الدولة , وأي دولة تبنى , ولم يعد لدينا من الدولة غير بقايا مستسلمين للأمر الواقع , مشرعين لكل الانقلابات على هذه الدولة , ما يحدث هي عبارة عن دمى يتم إعادة تموضعها لاستكمال مخطط الارتهان والتبعية , لبلد منزوع السيادة , وفاقد للإرادة , مخطط اشترك فيه الكثير بغفله , منهم من استلذ باغتصاب السيادة , ومنهم من صحا ضميره ويذرف دموع التماسيح بعد ما حدث قال حراما عليا .
لا حل بغير توحيد الجبهة الوطنية , نحو استعادة الدولة , والتصدي لكل مشاريع الارتهان والتبعية , ورفض الخارج و الارتهان لقوى الداخل , وحدة الهداف واستعادة الدولة , لنستعيد ارادتنا و سيادتنا , ونعيد ترتيب الأوراق نحو دولة ضامنة للمواطنة والحريات والعدالة والديمقراطية , لصندوق انتخاب حاسم , ليقول الناس فيه كلمة الفصل في حق تقرير المصير , بعيد عن فرض أمر واقع بالعنف والتحالف مع الخارجي , وعرض بيع أجزاء من الوطن الغالي .
احمد ناصر حميدان