إنجازات الهدنة في اليمن ؟!
ما أقبح أن يُستثمر الفشل نجاحاً وانجازات.. هذا ما عشناه عواجل طيلة ليلة أمس، وكلها منسوبة للرئيس الأمريكي (بايدن) والبيت الأبيض حول الهدنة وتجديدها! كل البروباغندا الامريكية وجهت لتعد تجيد الهدنة في اليمن إنجازا للولايات المتحدة الامريكية؛ وللرئيس الأمريكي شخصياً، بل لزيارته للشرق الأوسط والسعودية على وجه التحديد!؛ وصرح الرئيس با يدن أن لولا الوعد الذي تلقاه الرئيس الأمريكي من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير/محمد بن سلمان لما كان للتجديد أن يتم! ويلتقيان الأمريكي والسعودي في هدف معلن واحد، هو التوصل إلى وقف شامل للنار، والبدء بالعملية السياسية في اليمن!
وقد يكون السبب وراء هذا التحرك الأمريكي الدعاية الانتخابية الداخلية الأمريكية، وقد يكون السبب، وهو المرجح عندي، هو عربون صداقة مع الإيرانيين، واسترضاء شق الثورة والدولة هناك!؛ لأنه عقب اعلان التجديد، حُدد الإيرانيون الذهاب خلال ساعات إلى فينا من أجل إحياء العودة للاتفاق النووي الإيراني!؛ وعلى هذه القاعدة! إذا ارادت الشرعية أن تكسب ودّ أمريكا، عليها أن ترفع نفس الشعار الحوثي أو مقارب له، كي تحوّل الإدارة الامريكية نحوها!
.. الله المستعان عليكم أيها الامريكان البروباجندا حقكم ليلة أمس كانت خالية من تعز والاشارة إليها!؛ فلم نسمع او نقرأ عن قضية الانسان التعزي ومعاناته، لم تعلقوا على فتح الطرق لأكثر من أربعة ملايين نسمة في تعز، تجاهلتموها تماماً (واي)!؛ مع علمكم بشهادة المبعوثان الأممي والأمريكي أن الحوثة لم يلتزموا ببنود الهُدن السابقة، ولم يوافقوا بعد على أحد بنودها وهو فتح الطرق لتعز، وباقي المحافظات الأخرى!
.. مبروك عليكم أيها الحوثة شهر العسل بينكم وبين الأمريكان!، والذي أظنه لن يطول إن أنتم تعاملتم معها كما تعاملتم مع الرئيس السابق صالح؛ فالأمريكان لا يغفرون ويستطيعون الوصول إلى أي منكم.. و(ايمن الظواهري) واستهدافه، ليس خبره عنكم ببعيد، فتقرصوا العافية! واحمدوا ربكم انكم لا تزالون خارج استهداف أمريكا!؛ واقبلوا بالتسوية السياسية، توفرون دمكم ودماء اليمنين، وتحافظون على الوطن اليمني الواحد الموحد! تعالوا نشير الى الهدنة وانجازاتها...
.. الإنجازات.. بحسب المبعوث الأممي؛ أن الهدنة صمدت إلى حد كبير لقرابة أربعة أشهر، وبذلك تصبح واحدة من أطول فترات الهدوء النسبي بعد أكثر من سبع سنوات من النزاع المستمر! أهم انجاز عند المبعوث هو الصمود! واليوم قد يطالب الأطراف الاستمرار كما كانوا، كي يبقى الصمود! بعد الموافقة على تجديد الهدنة لشهرين اخرين، وطبعا لو تتبعنا كل احاطة، وتصريحات المبعوث، ونتائج اجتماعاته مع الأطراف والدول؛ لوجدنا أنه قد ناقش معهم مقترحات وحصل على موافقات لفتح طرق تعز مثلاً، ثم مقاربات وتعديلات، وموافقات ثم... لا شيء يحدث على الأرض..
هذا انجاز ما بعده انجاز!؛ ومن الإنجازات بحسب المبعوث أيضاً؛ تنفيذ 21 رحلة، منها عشرين رحلة بين صنعاء وعمّان؛ ورحلة واحدة باتجاه القاهرة ذهاباً وإياباً من اجمالي 36 رحلة اتفق عليها خلال فترة أربعة أشهر؛ أي بنسبة انجاز 58%، أقلّت هذه الرحلات ما يزيد عن (8) ألف مسافر؛ لكن مالم يعلمه أحد؛ ما هي المعايير التي على أساسها سافر المسافرون؟!؛ ومن الذي حددها؟؛ وهل من انتهاك لها؟ ومن قبل من؟!؛ والــــ (8) الألف المسافر ما طبيعة سفرهم؟ وماهي انتماءاتهم ونسبهم ومناطقهم؟ كي يتم الحكم على الفائدة التي جناها المواطن اليمني، لكني أجزم ان الحوثة هم المستفيدون ماديا ومعنويا من هذه الخدمة!؛ ومعلوم أن مقترح تجديد الهدنة الجديد، زيادة الرحلات ووُجهات سفرها؟؟! ترى لصالح من ستكون؟!؛ كذلك من إنجازات الهدنة طيلة الأربعة الأشهر الماضية بحسب المبعوث؛ دخول 36 سفينة وقود إلى الحُديدة خلال فترة الأربعة أشهر، حيث دخلت 26 سفينة وقود ميناء الحديدة تحمل أكثر من (720) ألف طن متري من مشتقات الوقود بنسبة انجاز 72%. والمزيد من سفن الوقود قيد الإجراءات؛ والمقترح في تجديد الهدنة دخول منتظم للسفن؟؟! ترى من سيستفيد أيضا من هذا البند بناءً على الدخول السابق؟! أما الإنجازات من وجهة نظر الحوثي فأحيلكم لخطاب مهدي المشاط في ذمار في حفل تخريج دفعة "وان عدتم عدنا"، ولا أقصد بإحالتي هذه، لتسويق خطابه، هو لا يستحق ذلك!؛ وإنما لتعرفوا عقلية ونفسية الحوثي في السلام ونهج اتباع الهُدن، فالهدنة عندهم، هي هدنة تدريب وتجهيز وتعلم وتطوير وتحديث واحتراف في القتل والقتال، وعندهم الهدنة انفتاح مع العالم واستقبال سفراء وزوار واتصالات خارجية، وقد حققوا الى حد ما، ذلك؛ والهدنة عندهم استثمارها في تضليل الناس وتجنيد الأطفال وغسل ادمغتهم ليغيروا معتقداتهم وثقافتهم وبصيرتهم ووعيهم.. الهدنة عندهم هي نتيجة لتضحياتهم وتطوير أسلحتهم، والمزيد منها سيحقق لهم تثبيت دولتهم كما قال المشاط!؛ تجديد الهدنة عند الحوثي كما قال المشاط ليس قناعة بالسلام وانما استجابة للسلطنة العمانية التي طلبت منهم ذلك، فوافقوا!؛ لكنهم يؤكدون مع ذلك؛ أن الحرب لم تنتهي بعد، حيث يقول (مشاطهم)؛ فإذا توقفت هذه المعركة بهدنة فإن الحرب مستمرة، ومستمرة بجولات ومجالات عديدة، وقال المشاط ان الاخرين يستعدون للحرب وستستمر الحرب وستستعر في مجالات متعددة! هذا هو مفهوم الهدنة عند الحوثة فالذي يراهن؛ عليه ألا يضلل الناس بأوهام! اما الإنجازات من وجهة نظر الشرعية؛ فهم يتغنون باستمرار، انهم يتنازلون من اجل الوطن والمواطن في كل اليمن، ولا داعي الخوض في مواقفهم، فأهم انجازاتهم أنهم دوما ايجابين مع أي مبادرات هدن، اتفاقات، مقترحات.. وهذا ديدانهم ولا جديد في ذلك!؛ أما الإنجازات بحسب التقارير الميدانية، تتجلى صورة إنجازات الهدنة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.. ويشترك في نظري بهذه الجرائم الحوثي ؛ والشرعية (بتمرير الخروقات وعدم مقاومتها للضغوط في ذلك)؛ وامريكا؛ والتحالف، وكل العالم بصمته وسكوته على جرائم الحوثي.. فلقد ارتكبت -هذا هو الإنجاز- جماعة الحوثي أكثر من (4200) خرق للهدنة منذ بدايتها، بينها قنص مدنين وجنود، واستهداف احياء وحدائق أطفال، والدفع بتعزيزات عسكرية مكثفة، واستهداف مواقع الجيش بطائرات مسيرة مفخخة".
أما وجهة نظر المملكة العربية السعودية والتحالف؛ فإن الهدنة تهدف في المقام الأول إلى التوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن وبدء العملية السياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين.. لقد مرّ أربعة أشهر من الهدنة وتمديدها، والتجديد يوم أمس لها لمدة شهرين إضافيين!؛ بالمناسبة.. لدي نصيحة للإخوة في المملكة.. أنصح المملكة إن كانت موافقتها على الهدنة هو فعلاً من أجل وقف إطلاق النار والبدء بعملية سياسية بين الحكومة الشرعية والحوثين.. فلتبدأ المملكة باختبار عملي لنية ومصداقية الحوثين؛ وفي اعتقادي أن أعضاء التشاور الممثلين للحكومة الشرعية موجودون، هم الأعضاء الذين اشتركوا في مشاورات الرياض نهاية مارس وبداية إبريل الماضي.. بقي على المملكة أن تتفاوض مع الحوثين مباشرة، أو عبر قناة بغداد، أو عبر الوسيط العماني، بحيث يتم الضغط على الحوثي للموافقة على تحديد ممثليه في الحوار المزمع، ويتم اللقاء كما السابق تحت قبة مجلس التعاون الخليجي في الرياض أو اية دولة أخرى، ويمكن أن يتم التوصل إلى اتفاق لإدارة مرحلة انتقالية جديدة لليمن، ويتم توسيع مجلس القيادة الرئاسي وتشكيل حكومة وطنية من كل المكونات وتنتهي الحرب!؛ اعلم ان الحوثة مغرورين ولا يعيشون إلا في بيئة حروب!؛ ولن يوافقوا!؛ فكيف إذاً الهدنة وتجديدها ستوصل الى انهاء الحرب والعودة الى العملية السياسية ..اتمنى من كل قلبي أن يوافقوا وتنتهي الحرب ويحل السلام ويعاد البناء!؛ لكنهم من خطاب (مشاطهم) أبعد ما يكونوا عن السلام!