موسم تمور تونس.. ارتفاع كلفة الإنتاج يفسد فرحة الحصاد (تقرير)
ينذر موسم التمور الحالي في تونس، لأن يكون عاما للنسيان بالنسبة للمزارعين، لأسباب أبعد عن الإنتاج وأقرب إلى أسعار السوق التي يراها العاملون في القطاع قليلة، أمام ارتفاع في كلفة الإنتاج.
تنتج تونس حاليا قرابة 200 نوع من التمور، من أهمها دقلة النور والفطيمي ولخوات والكنتة والعليق، وتصنّٓف دقلـة النور الأفضل من بينها، وتعد محافظة توزر (غرب) لوحدها قرابة مليوني شجرة نخيل.
وتضاعفت المصاعب هذه السنة، بعد أن انخفضت المبيعات من 4 دنانير (1.4 دولار) للكيلوغرام الواحد خلال الموسم الماضي إلى 2.5 دينار (0.880 دولار).
يقول عارف ناجي، الكاتب العام للاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بتوزر (اتحاد المزارعين)، أن غياب جسم مهني لمزارعي التمور، يعد أحد الأسباب غياب التنظيم للقطاع، وبالتالي التأثير على الأسعار.
وأضاف ناجي للأناضول: في غياب المجمع المهني المشترك للتمور (حكومي)، والذي صدر قرار بإحداثه في الجريدة الرسمية خلال يونيو/ حزيران 2018، فإن الأثر السلبي سيبقى حاضرا.
وعلى الرغم من سعي اتحاد المزارعين، الاتصال بوزارة الفلاحة لإيجاد الحلول منذ مارس/ آذار الماضي، إلا أن السلطات المعنية جهويا ومركزيا لم تتدخل، وفق ناجي.
** إنتاج التمور
ويمر إنتاج التمور في تونس عبر ثلاث مراحل، على كل فلاح أن يعتمدها ليكون الإنتاج جيدا ووفيرا، الأولى يطلق عليها "التقليم"، وتتمثل في قطع السعف الجاف وإزالة الأشواك حتى تصل أشعة الشمس للثمار، مع الإسراع برش الشجرة بالمبيدات الحشرية.
وقال ناجي: بعد التقليم يأتي "التقويس" التي تهدف إلى منع تشابك الشماريخ التي تحمل الثمار؛ بينما المرحلة الثالثة تسمى "التلقيح" وتعتبر أعقد مراحل الإنتاج، فتوزيع حبوب اللقاح يجب أن تكون في فترة محددة زمنيا، حتى تتم عملية الإخصاب بنجاح.
وتتطلب العناية بالنخيل التعامل بحساسية شديدة مع منطقة "الجمار"، التي تتوسط رأس النخلة، حتى لا تتضرر أثناء التعامل بالأدوات الحديدية، وفق ناجي.
** المهنة صعبة
كثير من الشباب يعتمدون على تسلق أشجار النخيل، كمهنة لتوفير قوت يومهم، كما يقول الشاب مالك حمادي الذي يمتهن هذه المهنة منذ نعومة أظافره.
ويقول حمادي الذي التقته الأناضول في احدى واحات توزر، إن "طالع النخل" ليست مجرد مهنة، هو بمثابة الطبيب فهو الذي يحدد الداء ويعطي العلاج، باعتباره يواكب إنتاج التمور منذ اللقاح حتى موسم الجني.
وأضاف حمادي: يتوزع عمال جني التمور بين "القطّاعة" (نسبة الى قطع العرجون)، ومهمتهم قطع عراجين التمور، و"الرقّايا" (الذين يتسلّقون النخيل)، وتتمثل مهمتهم في استلام العراجين المقطوعة من جانب القطّاع".
وتابع: في الغالب لا يقل عدد المتسلقين في النخلة الواحدة الثلاث أشخاص، أسفلهم يكون "اللقاطة" وهم العمال الذين يلتقطون ما تناثر من حبات التمور، وجمع المحصول عن الأرض.
** مزيد من دعم الدولة
معاناة الفلاحة تعمقت في السنوات الأخيرة، بسبب تراجع الدعم الحكومي للمزارعين بنسبة النصف، وفق ما يقوله شكري الذويبي، النائب المستقل عن جهة توزر.
ويكون الدعم الحكومي من خلال توفير المبيدات الحشرية، وحفر الآبار، وبناء الخزانات، وزراعة أشتال النخيل.
وقال الذويبي في تصريحات للأناضول، إن "المياه وحفر الآبار تبقى الشغل الشاغل للفلاحين، حيث تظل آلاف رؤوس النخيل دون ري لأكثر من سنة".
وأضاف: لا بد اليوم من تسوية وضعية الأراضي الفلاحية حتى يتم استغلالها في أفضل طريقة ممكنة، وإدخالها في الدورة الاقتصادية.
وتبلغ مساحة الواحات التونسية أكثر من 40 ألف هكتارا (الهكتار = 10 آلاف متر مربع)، فيها قرابة 5.4 ملايين نخلة، منها 3.55 ملايين نخلة من الأصناف الجيدة لإنتاج التمور.
وتعتبر واحات "نفزاوة" والجريد" أهم الواحات المنتجة للتمور التونسية الجيدة، حيث تنتج واحات منطقة "نفزاوة" (محافظة قبلي) قرابة 60 بالمئة من الإنتاج التونسي، وتأتي واحات الجريد (محافظة توزر) في المرتبة الثانية.
ووفق مدير عام الإنتاج الفلاحي بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري التونسية، عز الدين شلغاف، سيكون إنتاج التمور في تونس قياسي خلال هذا الموسم، وبجودة عالية.
وصرح شلغاف لوكالة الأنباء الرسمية في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، أن الإنتاج سيكون في حدود 340 ألف طن مقابل 289 ألف طن العام الماضي.