قحطان.. المؤسس الرمز لنضال الإصلاح وتضحياته
يمثل السياسي محمد قحطان، ايقونة للنضال السياسي، وهو من أعلى هرم قيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، ومازال مخفي قسراً في سجون ميلشيات الحوثي الإرهابية للعام التاسع على التوالي، وفي الذكرى الـ 34 لتأسيس الحزب نعيد إلى الذاكرة الجريمة المرتكبة بحق السياسة في اليمن.
ويعد السياسي محمد قحطان، عضو الهيئة العليا للإصلاح، وأحد أهم السياسيين في اليمن خلال مراحل تحولات متعددة بدءاً من تأسيس اللقاء المشترك، والمراحل السياسية التي صاحبت هذا التكتل، وصولاً إلى الحوار الوطني الشامل، وحتى اختطافه من الحوثيين في 4 إبريل/ نيسان 2015.
ليس قحطان فقط في سجون ميلشيات الحوثي، بل هناك المئات من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح، الذي تم اختطافهم من منازلهم ومن الطرقات، عقب سيطرة ميلشيات الحوثي على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، عقب 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
محمد قحطان.. القيادي والمؤسس
الاستاذ محمد قحطان الذي ولد عام 1958 في محافظة تعز، خاض غمار السياسة من خلال تولي رئاسة الدائرة التنظيمية لحزب التجمع اليمني للإصلاح حتى عام 1994، وهو قيادي وازن ومؤسس في الحزب.
وهو أحد المفكرين الكبار الذين وضعوا النظام الأساسي لحزب التجمع اليمني للإصلاح وممن صاغوا برنامج العمل السياسي، وهو من أكثر من يحفظ النظام ومواده وبرنامج العمل السياسي واللوائح التنظيمية للإصلاح، وفق ما قال رئيس كتلة الإصلاح البرلمانية السابق، زيد الشامي في مقابلة سابقة مع الصحوة نت.
وأضاف، وأثناء إعداد أدبيات الحزب وعند اختلاف الأراء كانت لدى قحطان القدرة على كتابة صيغ متعددة ومناسبة، وكان حاضراً وفاعلاً في كل المؤتمرات التي تعدل فيها اللوائح والأنظمة وبرامج الإصلاح، وهو من أهم القيادات المشاركين في الفعاليات وبرامج الحزب.
عين رئيس الدائرة السياسية في حزب التجمع اليمني للإصلاح وأصبح عضوا في مجلس النواب، وعمل مع الشهيد جار الله عمر على تأسيس تكتل أحزاب اللقاء المشترك، وعين ناطقاً رسمياً له حتى عام 2011، وخاض مساراً نضالياً ثورياً وصولاً إلى مرحلة الحوار الوطني والذي كان فاعلاً فيها.
كان ذو نظرة ثاقبة لمسارات التحول على مستوى المنطقة العربية رأى – في مقابلة تلفزيونية بمنتصف عام 2014 - "أن المنطقة ستمر بهزات كبيرة ولن تهدأ الأمور فيها، وستظل فلسطين هي سبب ما يجري في المنطقة، حيث لا يوجد أفق لإمكانية حل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي".
مهندس التوافق والرافض لـ"الإنتفاشة"
اعتبر الكاتب عيسى الشليلي "أن محمد قحطان أحد مهندسي السياسة والتوافقات الوطنية بين الأحزاب، وأحد عرابي الحوار والشراكة الوطنية، وشخصا حظي بثقة كافة المكونات والتيارات وذلك من خلال صدقه ووضوحه ونبل أهدافه، وهو الأمر الذي جعل تركيز الحوثيين ينصب على استهدافه، فقامت باختطافه وتغييبه خوفاً من صوته الحر وأفكاره السياسية ورؤاه النبيلة".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، " شخصية المناضل محمد قحطان اتسمت بالشجاعة وصراعه مع الظلم بكافة اشكاله، وبرز ضد الفساد والاستبداد منذ وقت مبكر جدا، وكان من اوائل المنادين بالعودة بالجمهورية الى مسارها الصحيح واشراك كافة اطياف الشعب في الحكم".
وأشار الشليلي "خلال مؤتمر الحوار الوطني كان قحطان من اشد المعارضين لعنجهية الحوثيين وطريقتهم في الحوار، ووصف تمددهم آنذاك بـ "الانتفاشة"، وأصر على المضي في الحوار الى نهايته".
ورأى هشام طرموم "بأن اخفاء قحطان هي رغبة الحوثيين وداعميهم بإغلاق كل مسار محتمل للسلام وعودة الدولة، وتدمير اي احتمالية للحل السياسي، فهو أحد أهم السياسيين اليمنيين، وأبرز مفكري بناء الدولة، ورجل التعايش والسلام، ورمز الحوار وقوة الحجة، وهذه الصفات جعلت منه حالة وطنية تجاوزت الإطار الحزبي".
بينما يرى الكاتب "نبيل الشرفي، بأن "دوافع اخفاء المليشيا الحوثية للقيادي قحطان هي الخوف من شجاعته ومقارعته للظلم والاستبداد وهما من أبرز صفاته، وأيضاً يحظى باحترام واسع وشعبية كبيرة في الوسط السياسي والشعبي، سيكون له صدى ضد مشروع الكهنوت الحوثي".
وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "أن الميليشيا تخشى من شعبية جارفة كشعبية محمد قحطان، فهذه الميليشيا تعيش حالة رعب وهلع من الكلمة والرأي، ولو لم تكن تخافه لكانت افرجت عنه منذ وقت طويل".
سجون الحوثيين الجريمة المستمرة
إلى جانب قيادات وأعضاء الإصلاح في كثير من المحافظات، اختطفت ميليشيا الحوثي آلاف اليمنيين بينهم نساء وأطفال، وما يزال مصير الآخرين مجهولا، وسط شهادات عن عمليات تعذيب ممنهج بحقهم وبعضهم توفي تحت التعذيب، وبحسب روايات المفرج عنهم.
ووفقًا لتقرير منظمة "سام" لحقوق الانسان، احتلّت جماعة الحوثي المرتبة الأولى في حجم جرائم الإخفاء القسري بواقع 904 حالة احتجاز تعسفي و353 حالة إخفاء قسري و138 حالة تعذيب منها 27 واقعة وفاة في مكان الاحتجاز".
وتلجأ ميليشيات الحوثي لاختطاف المدنيين بغرض الابتزاز المالي، وكثير من المفرج عنهم دفعوا فدى مالية، وبحسب تقرير سام "ان المخفيين يتعرضون لانتهاكات متعدّدة وحملات من التعذيب النفسي والجسدي قد تفضي الى الموت في سجون جماعة الحوثي".
وتواصل ميليشيا الحوثي تواصل اختطاف وإخفاء قرابة 600 مختطف مدني مخفيين قسراً في سجون سرية بصنعاء وصعدة بينهم قيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح اضافة الى عشرات المعتقلين من الموظفين الأمميين وموظفي المنظمات غير الحكومية بلغ عددهم حتى الان 50 موظفا، وفق تقرير منظمة " إرادة" لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري.
الجريمة الحوثية بحق اليمن
وقالت نجيبه مسعد العلواني، رئيس اللجنة السياسية دائرة المرأة "من المحزن أن تعود ذكرى تأسيس الإصلاح ومازال جزء من الوطن تحت سيطرة مليشيا الحوثي ومازالت هذه الجماعة ترتكب في حق الشعب أقذر الاساليب من قتل ونهب واخفاء ومصادرة اموال واصدار لأحكام الإعدام".
وأضافت في حديث لـ"الصحوة نت"، "ولا ننسي عميد المختطفين والمخفيين قسراً الاستاذ محمد قحطان الذي تخفيه جماعة الحوثي منذ أكثر من 9 سنوات، وهي جريمة ترفضها كل الاديان والاعراف والمواثيق الدولية، لقد كان الأستاذ محمد قحطان نبراس الحرية".
ورأت العلواني "أن قحطان كقيادي في الإصلاح عزز قدرة المرأة الإصلاحية، وعمل على تدريب وتأهيل المرأة في الجانب السياسي والحقوقي، وعمل علي اتاحه الفرصة لها لكي تمثل الحزب في المجتمع المدني بكل جدارة".
من جانبها قالت الكاتبة نبيلة سعيد "مازال الأستاذ قحطان في ذاكرة الشعب الصوت القوي الذي يصدح بما يعتقد حقًا وعدلًا منذ عرفته الحياة السياسية في اليمن وخاصة أولئك المنتسبين لحزبه وهو بشخصه يُعد مشروعًا وطنيًا بمدافعته عن الحق في الحياة بكرامة"
وأضافت في حديث لـ"الصحوة نت"، "ما يميز قحطان تصوره العادل لدور المرأة اليمنية، وكان صوته -دائمًا قويًا- أمام كل من يحول دون مسار التنمية في اليمن اقتصاديًا واجتماعيا وثقافيا، بل كان يقف بوجه المسكونين بضرب السلم الاجتماعي وسلامة النسيج المجتمعي اليمني".
وتابعت سعيد "تغييب قحطان لن ينسي اليمنيين ادواره السياسة المهمة وعلى رأسها ترسيخ الحرية والعدالة والمساواة وبناء الدولة، وترسخ الأستاذ في الذاكرة كأيقونة للحرية والكرامة، وكان يعبر عن وجدان الشعب اليمني في البحث عن عدالة اجتماعية".